المرأة بين ثورتين… الورقة الرابحة فى الانتخابات تنتظر الإنصاف
كانت المرأة فى الثورة المصرية تعبر عن كل معانى الشجاعة في التنظيم والخطابة والهتاف في مختلف الميادين والساحات الثورية. وقد تحملت جميع أصناف الموت والتعذيب والقهر من رصاص حي ومطاطي وغاز وضرب بالعصي، بل وتحملت النساء ما لا يحدث للرجال حين انُتهكت أعراضهن خلال بعض الهجمات الأمنية لفض الإعتصامات فتم ضربهن بقسوة بالغة وسحلهن وتعريتهن
ولكن على الرغم من الدور الكبير للمرأة فى تحريك المشهد الثورى منذ البداية إلا أنها واجهت الكثير من التهميش. فقد كانت المرأة فاعلة فى التظاهرات، ولعل مشاهد هتاف السيدات بالشعارات الثورية وترديد الرجال خلفهن لتلك الشعارات فى بعض الأحيان يدل على الدور القيادى للنساء فى المظاهرات. ولكن منذ المرحلة الانتقالية التى تلت خلع الرئيس الأسبق مبارك من حكم مصر، تم استبعاد النساء بقوة من عملية صنع القرار السياسى.
وانشغلت بعض مؤسسات المجتمع المدني بقضايا أكثر أهمية فى تلك المرحلة التاريخية الفارقة من قضية حقوق المرأة.
أما فى ثورة 30 يونيو 2013 فكان من ضمن الأسباب الأساسية لاندلاعها خوف النساء من حكم الإخوان المسلمين المتشدد وهو ما تبين من معارضة النساء لأحاديث عدد كبير من كبار قادة تيارات الإسلام السياسى فى مصر وأبرزهم الإخوان والسلفيين. وأبرز ما قيل من هؤلاء القادة أن المرأة لابد أن تلتزم البيت وأن صوتها عورة. وهو ما تبين على سبيل المثال عند ترشيح سيدة من حزب النور فى الانتخابات البرلمانية ووضع صورة وردة بدلاً من صورة السيدة على منشورات الدعاية الانتخابية. فكل هذا وغيره الكثير أثار مخاوف عدد كبير من النساء المصريات مما دفعهن للثورة.
لكن المعضلة الأساسية بعد الثورتين هى أن المرأة من أقل الفئات التى حصلت على حقوقها فلم تحصل على مكاسب ملائمة لمقدار مشاركتها فى الثورة بل بالعكس زادت حوادث العنف الجسدى والمعنوى ضد المرأة. تجلى ذلك فى زيادة حوادث التحرش الجنسى بل وفى بعض الأحيان الإعتداء الجنسى الجماعى .
والتحدى الأساسى للمرأة المصرية – وكذلك المرأة فى الدول التى اندلعت فيها ثورات الربيع العربى – يكمن فى تجاوز مرحلة المشاركة الجماهيرية فى الثورات إلى العمل المؤسسى فمازالت المرأة تعانى من عدم التمثيل الجيد فى الأحزاب وفى البرلمان.
هل هناك إمكانية لتحويل المشاركة السياسية للمرأة من المجال الثورى إلى المشاركة السياسية داخل المؤسسات المختصة بصنع القرار السياسى ؟
لم تحصل النساء إلا على 8 مقاعد من أصل 498 مقعدا في مجلس الشعب المصري عام 2012 (الذي حُل بعد ذلك) منهن 4 منتميات لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى ثلاث نائبات معينات. فانخفض تمثيل المرأة في مجلس الشعب بعد الثورة من 12 إلى 2 في المائة، وألغيت الحصة التي كانت مخصصة للمرأة في ظل النظام السابق، وهي 64 مقعدا.
وفى الانتخابات الرئاسية لعام 2012 تنافس 13 مرشحاً، بدون ترشح أية سيدة، أما كناخبة، فمشاركة المرأة قد زادت بشكل كبير حيث ارتفعت بنسبة 64% عقب ثورة 25 يناير، كما شاركت المرأة كناخبة في انتخابات الرئاسة بنسبة 83 % وعلى صعيد آخر عند وضع الدستور المصرى فلم يختلف الأمر كثيراً فى لجنة إعداد دستور 2012 عن لجنة دستور 2013، فقد تم اختيار عدد قليل من السيدات لعضوية لجنة المائة لوضع دستور 2012
وفى لجنة الخمسين لوضع دستور 2013، تم اختيار عدد قليل أيضاً من السيدات هن : ميرفت التلاوى، عزة محمد سعيد العشماوى، منى ذو الفقار، هدى الصدة، عبلة محي الدين عبد اللطيف.