مشاركة المرأة فى الحياة السياسية
ستظل مشاركة المرأة فى الحياة السياسية مشكلة رئيسية ليس لها حل، سواء لدى صانع القرار أو لدى المجتمع المدني، أو حتى لدى المرأة ذاتها.
كلنا نعلم المشكلة وأسبابها وربما طرق العلاج، لكن لا نعلم سبب لماذا لا تزال مشاركة المرأة فى الحياة السياسية أزمة مستعصية البنيان والحل.
لا احد ينكر أن المرأة شريك فى الحياة الإنسانية، لها دور رئيس فى ثورتي يناير ويونيه، لها دور رئيس فى الاستفتاء والانتخابات الرئاسية، ليس هذا وحسب، وإنما على مر العصور…كانت ولا تزال شريك فى الحياة الإنسانية والسياسية.
لكن… ماذا نريد حقيقةً؟!
هل نسعى إلى إقناع أو مناشدة المجتمع للعدول عن موقف منحاز ضد المرأة؟، وهل نقصد الأغلبية “الذكورية” المسيطرة؟، أم الموروث الثقافى والعادات الاجتماعية؟، أم المنظومة التشريعية؟، أم الحكومة؟، أم مؤسسات المجتمع الرسمية والأهلية؟، أم هؤلاء المتشددين تجاه مشاركة المرأة فى الحياة العامة؟.. أى هل نتحدث عن حقوق أقليات؟
أم نريد كسر احتكار مجموعة من نشيطات الحركة السياسية النسائية فى التحدث باسم المرأة والذهاب إلى جموع المرأة فى مختلف المواقع والتجمعات لحثّها على المشاركة فى الحوار حول المرأة؟
أم هل نريد وضع خطة وبرنامج عمل لتمكين المرأة من ممارسة حقوقها بالمشاركة، وقدرتها على ممارستها بفعالية؟
أم نقصد العدول عن موقف غير مفهوم يتمثل فى الطابع المركزى والنخبوى فى التفكير الاجتماعى حول أوضاع ومستقبل مشاركة المرأة فى الحياة العامة؟..، أى ندعو إلى إشراك المرأة فى التفكير فى أوضاعها والمبادرة بحلول ومقترحات مستقبلية بنفسها؟..،
أم نقصد كل هذا معا؟.. وإذا كان الأمر كذلك، فما الذى نقوم به فعلا فى هذا الصدد؟، وهل هو ملائم لتحقيق الأهداف أم هو أقرب إلى التفكير الغائى (wishful thinking)، أو التبريرى (مثلا، الزعم بأن التدريب يحل كل المشكلات..، أو أن الحل فى “حملة إعلامية” لتغيير ثقافة الأفراد..).
إن التمثيل العادل والمتوازن فى الحياة السياسية مطلب أخلاقى، تقوم عليه نظرية الديمقراطية، وليس مجرد وسيلة لتحقيق هدف سياسى أو حزبى مؤقت. وبالتالى فإن المساواة بين الرجل والمرأة فى تولى المناصب العامة هى بمثابة تطبيق ضمنى للمساواة بين المواطنين، بما يجعل المساس بها أو الحيلولة دون تحقيقها نوعا من الإخلال بالأسس الدستورية للنظام الديمقراطى.
إن حرمان أى فئة اجتماعية من فرصة المشاركة المتوازنة فى عملية التنمية (بمعناها السياسى، أى من يتحمل الأعباء ومن يجنى العوائد من النشاط الاقتصادى؟) بسبب خصائصها النوعية (النوع، أو الديانة أو اللون..) يهدد عدالة استراتيجية التنمية ويحرم المجتمع من مقومات هامة، ويجعل فئة تابعة لأخرى.