تعريف النقابات
هي مجموعات من الأفراد ينشأ بينها اتحاد على أساس تطوعي وأحيانا على أساس إجباري لكي تضم من يعملون في مهنة واحدة أو تصص واحد ، ويتمثل الهدف من هذا النوع من الاتحادات (التنظيمات) في تحقيق مصالح أعضائها ، وتتنوع هذه المصالح وتدور حول العديد من الموضوعات منها :
1- رفع مستوى المهنة التي ينتمي إليها الأعضاء .
2- توفير ميثاق شرف أخلاقي يحكم أداء المهنة .
3- حماية مصالح الأعضاء والدفاع عنهم ، ومحاولة التأثير في القوانين والسياسات التي يمكن أن تؤثر في الأعضاء أصحاب المهن الواحدة او التخصص الواحد .
4- العمل على توفير نظام للمعاشات يحمي الأعضاء وأسرهم في حالات الشيخوخة او الوفاة أو العجز .
5- العمل على توفير نظام للتأمين الصحي يكفل العلاج للأعضاء وأسرهم بأسعار معقولة .
6- الدفاع عن القضايا الوطنية والقومية للمجتمع .
7- ربط أعضاء النقابة الواحدة أو أصحاب التخصص الواحد أو المهنة الواحدة برباط من الزمالة يحقق التضامن فيما بين الأعضاء . ([1])
ويمكن تقسيم محاور عمل النقابات إلى ثلاثة محاور
(1) مهني : يستهدف رفع مستوى المهنة التي تمثلها النقابة، ووضع ميثاق شرف يحكم أداء أعضائها ، وحمايتهم من التعسف الذي قد يتعرضون له من جراء أداء أعمالهم.
(2) خدمي : يستهدف تلبية بعض الخدمات الأساسية للأعضاء مثل إقرار وتطبيق نظام للمعاشات أو التأمين الصحي … الخ .
(3) قومي : يستهدف الدفاع عن المصالح القومية للمجتمع سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي .
وقد اختلفت التوصيات التي خلعت على هذه المنظمات فهناك من يصفها بأنها إحدى مؤسسات المجتمع المدني ، والذي يعرفه البعض بأنه لا يخرج عن كونه (مجموعة المؤسسات والمنظمات المدنية غير الحكومية كالأحزاب السياسية، والمراكز البحثية والجمعيات الأهلية ، ومراكز حقوق الإنسان ، والتجمعات الثقافية وغيرها من جملة القنوات والأدوات والمشارب التي يعبر بها المجتمع الحديث عن نفسه في مواجهة المجتمع السياسي المتمثلة في الدولة ) ([2]).
وهناك من يفضل وصفها بجماعات المصالح والتي تعني (تجمعات من الأفراد تنشأ على أساس تطوعي أو اختياري تهدف إلى تحقيق مصالح أعضائها ، وتستهدف التأثير في العملية السياسية ، ويتمثل الدور الأساسي التي تقوم به هذه الجماعات في كونها وسيطا بين النخبة السياسية الحاكمة والمواطن ، كما أنها تعبير عن جانب من القوى الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع سواء من حيث وزنها أو مطالبها )([3]) .
وتتميز النقابات عن باقي التنظيمات بعدة خصائص منها :
- أنها تجمعات منظمة لها إطار مؤسسي ، ويحكمها قانون ، وهو ما يجعلها تختلف عن تجمعات الأفراد غير المنظمة ( مثل العلاقة بين خريجي الدفعة الواحدة ).
- أنها تجمعات تستند إلى مفهوم متقارب يربط بين أعضائها ، وبالتالي فإن إدراك الأعضاء لوجود مصالح مشتركة بينهم يدفع إلى التضامن .
- إن هذه المصالح المشتركة قد تكون منصرفة إلى المهنة وحمايتها وتطويرها، وقد تتوجه نحو مطالب الأعضاء المادية أو الاجتماعية .
- إن العضوية في النقابات قد تكون اختيارية بمعنى أن كل فرد ينضم إلى النقابة و يكون ذلك بمحض إرادته كما هو الحال في النقابات العمالية وفقا للقانون المصري ، وقد تكون العضوية إجبارية بمعنى أن القانون لا يسمح لأعضاء بعض المهن بالعمل في هذه المهنة إلا إذا كانوا منضمين إلى نقابتها كما هو الحال في النقابات المهنية وفقا للتشريع المصري .
ومن الملاحظ أن هناك بعض التنظيمات تؤدي بعض الأدوار الشبيهة بالنقابات (المهنية والعمالية ) وخاصة من منظور التعبير عن المصالح لكنها وفقا لوظائفها لا يعترف بها القانون كنقابة، ومن هذه التنظيمات ( جماعات رجال الأعمال ) التي تعبر عن الفئة العليا من رجال الأعمال في مصر ، وتسعى إلى تذليل العقبات التي تواجه هذه الشريحة في مجال السياسة الاقتصادية ، وقد بدأت ظاهرة إنشاء جماعات رجال الأعمال عام 1975 بتأسيس المجلس المصري الأمريكي لرجال الأعمال ، ثم جمعية رجال الأعمال المصريين عام 1978 ، وتبع ذلك إنشاء جمعيات رجال الأعمال في المدن المصرية المختلفة والتي تدخل بذلك تحت نطاق قانون الجمعيات الأهلية ونلحظ في هذه الجمعيات أن العضوية محدودة وتتراوح
بين 300-500 عضو ، ولها اشتراطات خاصة لكي تمثل أصحاب القرار في نطاق قطاع الأعمال ، ويسدد الأعضاء سنويا اشتراكات خاصة لضمان عضويتهم .
وجماعات رجال الأعمال هذه لا توفر خدمات صحية أو اجتماعية للأعضاء (معاشات ، تأمينات صحية أو اجتماعية) كما هو الحال في النقابات المهنية ، ولكنها تسير وتنسق الاتصالات بين كبار رجال الأعمال في مصر والخارج ، وتدافع عن المصالح الاقتصادية للأعضاء في إطار سياسة التحرر الاقتصادي ، وتقوم بدعم القطاع الخاص في مصر ومحاولة تذليل الصعوبات التي تواجهه . وإذا كانت جماعات رجال الأعمال هذه تعبر عن الصفوة في داخل هذا القطاع وعضويتها وبشروط خاصة ، فإن هناك على الجانب الآخر تنظيمات الغرف التجارية والصناعية في مصر والتي تضم كل أصحاب المنشآت التجارية والصناعية وعضويتها شرط لممارسة مهنة التجارة أو الصناعة وفي هذه الحالة تتوافر سجلات تجارية وصناعية لكل أصحاب هذه الأعمال في مصر بمعنى أنها تضم بذلك كبار ومتوسطي وصغار أصحاب الأعمال في مصر ([4]) .
وفي النهاية يمكن القول أن ظهور النقابات يرجع إلى شعور طبيعي لدى الأفراد الذين يوجدون في ظروف اقتصادية واجتماعية ومهنية مماثلة تدفعهم للاتحاد فيما بينهم ليتبادلوا المشورة ويتعاونوا في الدفاع عن مصالحهم المشتركة فيكون هذا الاتحاد علاجا للضعف الذي يعانيه كل منهم مفردا .
أما عن الحق في التنظيم النقابي والمواثيق الدولية فقد حرصت أغلب المواثيق الدولية على إقرار هذا الحق فنص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته رقم 8 على ( لكل شخص الحق في أن ينشئ وينضم إلى نقابات حماية لمصلحته ) .
ونصت المادة 8 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على ( تتعهد الدول الأطراف في العهد الحالي بأن تكفل : .
أ – حق كل فرد بتشكيل النقابات والانضمام إلى ما يختار منها في حدود ما تفرضه قواعد التنظيم المعنى وذلك من اجل تعزيز وحماية مصالحه الاقتصادية والاجتماعية ، ولا يجوز وضع القيود على ممارسة هذا الحق سوى ما ينص عليها القانون مما يكون ضروريا في مجتمع ديمقراطي لصالح الأمن الوطني أو النظام العام أو من اجل حماية حقوق الآخرين وحرياتهم .
ب- حق النقابات في تشكيل اتحادات وطنية أو تعاهدات ، وحق هذه الأخيرة بتكوين منظمات نقابية دولية أو الانضمام إليها .
ج- حق النقابات في العمل بحرية دون أن تخضع لأي قيود سوى ما ينص عليه في القانون مما يكون ضروريا في مجتمع ديمقراطي لصالح الأمن الوطني أو النظام العام أو من اجل حماية الآخرين وحرياتهم ….. )
ونصت المادة 22 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على
1- لكل فرد الحق في حرية المشاركة مع الآخرين بما في ذلك تشكيل النقابات العامة أو الانضمام إليها لحماية مصالحه.
2- لا يجوز وضع القيود على ممارسة هذا الحق غير تلك المنصوص عليها في القانون والتي تستوجبها في مجتمع ديمقراطي مصالح الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الأخلاق أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم ، ولا تحول هذه المادة دون فرض القيود القانونية على أعضاء القوات المسلحة والشرطة في ممارسة هذا الحق ).
وكذلك جاء النص على حماية هذا الحق في إعلان التقدم والتنمية الصادر 1969 ، كما درجت كل الوثائق والإعلانات الإقليمية على حماية هذا الحق أيضا مثل الميثاق الاجتماعي الأوربي ، والميثاق الأوربي لحقوق الإنسان ، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان ، وكل ذلك بالإضافة إلى الوثائق والاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية . كما نصت المادة 24 من مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن دور المحامين على ( للمحامين الحق في أن يشكلوا وينضموا إلى رابطات مهنية ذاتية الإدارة تمثل مصالحهم وتشجع مواصلة تعليمهم وتدريبهم وحماية نزاهتهم المهنية ، وتنتخب الهيئات التنفيذية لهذه الرابطات من جانب أعضائها وتمارس مهامها دون تدخل خارجي).
[1] د/ أماني قنديل ، النقابات المهنية ، المكتب العربي للمعارف 1995 ص 3 : 4 : 5
[2] مقال للمستشار شريف كامل ، جريدة الأهرام 11/9/1996 .
[3] د/ أماني قنديل ، الدور السياسي لجماعات المصالح في مصر ، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام ، ص 9 .
[4] أماني قنديل ، النقابات المهنية ، مرجع سابق ، 16 : 18 .