تقرير تحالف منظمات المجتمع المدني المصرية من اجل الاستعراض الدوري الشامل – مارس 2014
التعذيب والحق في سلامة الجسد
أثناء خضوعها للاستعراض الدوري الشامل في فبراير 2010 قدمت العديد من الدول توصيات بشأن ملف التعذيب في مصر، مثل مراجعة تعريف التعذيب في القانون المصري وضمان اتساقه مع اتفاقية مناهضة التعذيب التي صدقت عليها مصر، والتشريعات التي تجرم التعذيب والعقوبات المترتبة على ارتكاب هذه الجريمة مثل المواد 126، و129 من قانون العقوبات المصري.
وقد نصت المادة 52 من الدستور المصري على أن التعذيب بجميع صوره وأشكاله، جريمة لا تسقط بالتقادم. ووفقاً للمادة (55) فإن كل من يقبض عليه، او يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، ولا يكون حجزه، او حبسه، إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانياً وصحياً، وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة. ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقاً للقانون. وللمتهم حق الصمت. وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم، أو التهديد بشيء منه، يهدر ولا يعول عليه ، كما نصت المادة (60) على أن لجسد الإنسان حرمة، والإعتداء عليه، او تشويهه، أو التمثيل به، جريمة يعاقب عليها القانون.
وبالنظر إلى الواقع في مصر فإنه فلم يتم إدخال أي تعديلات على مواد (126، و129) من قانون العقوبات، وقد وقعت العديد من وقائع التعذيب بعد ثورة يناير نذكر منها:
- واقعة تعذيب ومقتل رمزي صلاح الدين محمد بقسم بولاق يوم 23 مايو 2011، على خلفية خلاف مالى مع أمين شرطة حيث توفي بعد دخوله قسم الاستقبال بمستشفى بولاق الدكرور العام وكان التشخيص الطبي إصابته بكسر في الحوض وكسر ثلاثة أضلع نتج عنها نزيف داخلي حول الحوض وتجمع دموي حول الغشاء البلوري للرئة
- واقعة تعذيب ومقتل الشاب محمد محمود عبد الحميد بالفيوم 9 يونيو 2011، بعد تعدي مخبرين عليه وعلى زميله بالضرب بالشوم أثناء مروره بكمين مركز ابشواي بالفيوم
- مينا فيليب، تم إحتجازه وتعذيبه من قبل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في أحداث الاتحادية، حيث أنه في طريق عودته من العمل مروراً بمكان الاشتباكات عند قصر الاتحادية في 5 ديسمبر 2012، قام الإخوان بإلقاء القبض عليه وسحبه وسحله وتمزيق ملابسه، والتعدي عليه بالضرب بالأيدي والعُصي من اجل الإعتراف بأنه من أتباع معارضي الرئيس السابق محمد مرسي.
- في نفس الأحداث السابقة ، قام أعضاء جماعة الإخوان بإحتجاز الدبلوماسي السابق يحيي نجم ، وقاموا بتعذيبه والتعدي عليه بالضرب والسباب، ولم يقوموا بإسعافه.
- واقعة تعذيب ومقتل محمد الجندي عضو التيار الشعبي، حيث تم إلقاء القبض عليه في محيط ميدان التحرير في 25 يناير 2013، وتم نقله إلى معسكر الجبل الأحمر حيث تم تعذيبه لمدة ثلاثة ايام، وقد نفت وزارة الداخلية هذا وقالت أنه توفي بعد أن صدمته سيارة يوم 28 يناير تم نقل بعدها إلى مستشفى الهلال في القاهرة، وتوفي بعدها. غير ان تقرير اللجنة الثلاثية المشكلة من كبار الأطباء الشرعيين جاء فيه أن محمد الجندي قد توفي نتيجة تعرضه للضرب المبرح على جسده ورأسه مما أسفر عن إصابته بكسور بالإضافة إلى نزيف حاد في المخ أفقده الوعي، وتوفي بعدها بأيام.
- واقعة مقتل 36 متهم من أعضاء جماعة الإخوان بالاختناق أثناء ترحيلهم إلى سجن أو زعبل في أغسطس 2013 ، حيث جاء في بيان الداخلية أن المتهمين حاولوا الهرب، وقاموا باحتجاز شرطي مما أضطر قوة الحراسة إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع للسيطرة على الموقف. بينما جاء في تحقيقات النيابة وأقوال الشهود الأحياء الذين نجوا من الواقعة أن عربة الترحيلات كانت تقل 45 متهماً وهذا أكبر من طاقتها، كما تعامل قائد قوة الحراسة المكلفة بتأمين عربة الترحيلات بالإهمال والرعونة وعدم الإهتمام بسلامة وأرواح المواطنين، وقرر النائب العام إحالتهم 3 ضباط ونائب مأمور قسم مصر الجديدة إلى المحاكمة على خلفية هذه الواقعة.
بخلاف ذلك فإن البيئة التشريعية في مصر لا توفر حماية من التعذيب وتسمح بإفلات مرتكبي هذه الجريمة من العقاب ، لذا فإننا نوصي بما يلي :-
- إعادة تعريف جريمة التعذيب في القانون بما يتوافق مع الاتفاقيات الدولية والدستور المصري
- تشديد الرقابة القضائية على مقرات الاحتجاز وممارسات أجهزة الأمن
- تصديق مصر على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب